عادت الحياة إلى المسرح اللبناني بأشكاله كافةً، وها هما الإسمان الأبرز سينمائيًا، تلفزيونيًا ومسرحيًا جورج خباز وعادل كرم يعودان إلى الخشبة مجتَمِعَين لأول مرة بعمل فني، اجتماعي تختلط فيه الدراما بالكوميديا، يحمل النوستالجيا والقضية اللبنانية في طيّاته بعنوان "خيال صحرا".
عنوان المسرحية مستوحى من العبارة العامّية الشهيرة "خيال صحرا"، أي مَن لا يُحسب له حساب، أو من يكون مهمّشاً.
على مدار 80 دقيقة، يلتقي جورج خباز وعادل كرم على خشبة مسرحٍ واحد، في تجسيدٍ لحوارات وأحاديث ومحاكاة الواقع من خلال شخصيتي قنّاصين خلال فترات الهدنة، حيث أنّهما ألدّ الأعداء خلال تأدية الواجب المضحك المبكي، وأعزّ الأصدقاء في فترات الهدنة، فيتركان المتاريس، ويتناولان القهوة معاً ويتبادلان أطراف الأحاديث والذكريات والهموم والمشاكل.
تعود بنا "خيال صحرا" إلى حقبة السبعينيات وبداية الحرب اللبنانية، وتنطلق منها لتعكس صورةً عن الواقع، من خلال متابعة تطوّر بناء وتركيب الشخصيتين الرئيستين في العمل؛ تبدأ المسرحية بسماع مواجز من نشرات الأخبار يُعلن خلالها فترة هدنه ليومين متتاليين، فيخرج الناس لمتابعة حياتهم اليومية، ويلتقي الصديقان- العدوّان على مقرُبةٍ من خط التماس، فتلتحم الذكريات وتتأجج المشاعر في حوارات عميقة تُحاكي الواقع في ذلك الوقت، وتُعيد إلى البال صور وذكريات عن ماضٍ جميل ملطّخ بدماء الحرب.
تعتمد المسرحية في جوهرها على أسس المسرح التجريدي، والذي يرتكز على الحوارات وقوالب الشخصيات والأحداث من دون الإعتماد على ديكورات ضخمة، إذ يتمّ تصميم ساحة حرب War Zone بشكلها البسيط من مخلّفات القنابل والحديد وحتى أكياس الرمل والمرابض، وفي الخلفية، عرض بصري مؤثر على شاشات عملاقة، يُشكّل المشهدية الأكبر للعمل وهي بيروت وأسواقها القديمة في حالة حرب.
تنقسم "خيال صحرا" في مضمونها وشكلها إلى جزئين؛ الأول وهو خلال فترة الحرب مع مشاهد من أسواق بيروت خلال فترة الحرب والقنص والمتاريس، والثاني وهو إعادة إعمار المدينة في التسعينات والألفية الثالثة مع ما شهدته من تطوّر عمراني. سينميائية الصورة تحمل في طياتها تطوّر الحياة في المدينة، ولكن بقاء الأشخاص وحياتهم متعلقة بالذاكرة الجماعية للحرب، فالأحاديث هي نفسها، بل أصبحت بلا أمل، الآمال أصبحت أبعد ممّا قد نتخيل، حتى المدينة أصبحت أحجاراً متراصفة ولكن من دون حياة.
يُقام هذا الحدث بتنظيم من ستار سيستم وبايبلاين.